الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المنمق في أخبار قريش **
عن الواقدي وهو يوم نخلة قال: كانت أسد شنوءة أصابت رجلا من عدي بن كعب ولم يكن من قريش قبيلة إلا وفيها سيد يقوم بأمرها ويطلب بثأرها إلا عدي بن كعب فلما أصابت الأسد ذلك الرجل مشى عمر بن الخطاب وهو يومئذ غلام شاب حديث السن إلى عتبة بن ربيعة بن عبد شمس وهو يومئذ شيخ بني عبد مناف وشيخ قريش فكلمه وقال: إنك إن أسلمتنا ظل دمنا في الأسد فقال عتبة: لن نظلمك ولن نخذلك ولكنا نقوم معك حتى تأخذ مظلمتك وتصيب ثأرك فقام عتبة بن ربيعة في قريش فقال: يا معشر قريش! والله لئن تخاذلتم عن مثل هذا منكم لا تزال العرب تقتطع منكم رجلاً فتذهب به فقامت معه قريش ثم خرج بمن تبعه منهم وخرجت معهم بنو عدي فيهم عمر وزيد ابنا الخطاب غلامان شابان وجمعت لهم فالتقوا بنخلة فاقتتلوا قتالاً شديداً حتى فشت الجراحة في القبيلتين ثم إن القوم تداعوا إلى الصلح فعلقت الأسد ذلك الرجل وانصرف القوم بعضهم عن بعض. عن الواقدي قال: كان عمر بن الخطاب خرج مع عمارة بن الوليد بن المغيرة أجيراً إلى الشام أو إلى اليمن وكان عمارة رجلاً بذاخاً مطرفاً وقبل ذلك خرج برجل من العرب يقال له صباح فعبث به وألقاه بالطريق فلما نزلا منزلاً من الطريق في يوم حار قال عمارة لعمر: اصنع لي طعاما فذبح عمر له شاة فطبخها ثم ثرد خبزاً وأفرغ عليه المرقة واللحم ثم جاء به فقال له عمارة واعتل عليه ليعبث به وكان عمر رجلا شهما وكان عمارة من أخواله أم عمر حنتمة بنت هاشم بن المغيرة أتطعمني الشحم الحار في اليوم الحار على الخبز الحار ما أردت إلا قتلي وقام له ليضربه فاخترط عمر السيف فلما رأى عمارة الجد وأيقن أنه ضاربه بسيفه عدا حتى أعجزه فقال عمر بن الخطاب: الرجز والله لولا شعبة من الكرم وسطة في الحي من خال وعم لضمني الشر إلى خير الخظم مطرح صباح إلى جنب العلم وما أساء عملاً وما ظلم من خلط الخبز بشحم من غنم حديث ابن الحفص بن الأخيف عن الواقدي: قال: كان ابن لحفص بن الأخيف أحد بني معيص بن عامر بن لؤي خرج إلى ضجنان وهو يومئذ منازل بني بكر بن كنانة وبضجنان يومئذ سيد بني بكر عامر بن يزيد بن عامر بن الملوح يبغي ضالة له وكان ابن حفص ذلك غلاماً نظيفاً ظريفاً حدثاً في رأسه ذؤابة وعليه حلة خراقانية فمر بعامر بن يزيد وهو يبغي ضالته تلك وعمرو بن يزيد في نادي قومه فأعجبه ظرفه فقال: ممن أنت يا غلام قال: أنا ابن لحفص بن الأخيف القرشي فلما ولى الغلام قال عامربن يزيد: يا بني بكر! أما لكم في قريش من دم قالوا: بلى والله إن لنا فيهم لدماء قال: ما كان رجل يقتل هذا الغلام بقتيله إلا كان قد استوفى دمه فقام إلى الغلام رجل من بني بكر قد كان له دم في قريش فقتله فلما بلغ ذلك قريشاً تكلمت فيه فركب إليهم عامر بن يزيد فقال: يا معشر قريش! قد كانت لنا فيكم دماء تجافينا عنها ثم أصيب هذا الغلام ببعضها فإن شئت من شئتم أن تدونا ونديكم فعلنا وإلا فإنما هو دم بدم فقال رجل من قريش وهان عليهم دم ذلك الغلام: صدق عامر دم بدم فلهوا عنه فلم يطلبوه وتركوه فبينا عامر بن يزيد بن الملوح يوماً يسير بممر الظهران في حاجة إذ لقيه مكرز بن حفص بن الأخيف أخو الغلام فعرفه فأناخ به وعلى عامر بن يزيد سيفه ثم علاه بالسيف حتى قتله ثم أخذ سيف عامر وقد كان في عنقه فخاض به بظنه ثم أتى به ليلا فعلقه بأستار الكعبة فلما أصبح الناس رات قريش سيف عامر فعرفوه وقالوا: هذا حديث يوم شهورة كان من حديث يوم شهورة وكان من أعظم أيام بني كنانة أن قريشاً خرجت من مكة ورأسهم مكرز بن حفص بن الأخيف أخو بني معيص ومعه بنو الديل وليث ابني بكر فاغار في أرض بلي ولخم فملأ يديه ثم أنصرف حتى إذا كان بذنب ينبع وجد نسوة لجهينة مجاورات في حي من بني ضمرة يقال لهم بنو عباد فقال راجزهن: الرجز أصبح جارات بني عباد عوانيا يرسفن في الأقياد مال بني ضمرة في الفساد قال: وورد بهن الجيش ذات السليم على بني صخر وقد أتى بني صخر الخبر وهم بذنب يليل فاحتسبهم بنو صخر عشية وسألوهم النسوة فأبوا فحبسوهم ليلتهم ولم يكن بينهم قتال واستمدت بنو صخر من حولهم من ضمرة فلما أصبحوا سار الجيش وأراد مكرز بن حفص إرسال النسوة وإن أحد بني أبي رافع إخوة البراض شد على مكرز فضرب عجز بغلته تحته بالسيف فرمت بمكرز وعطف عليه بعض أصحابه فاستردفه فألحقه بأصحابه وقال: الطويل لقد علمت كعب بن ضمرة إذ غدت سيوفهم يخضبن كفا ومفرقا جمعت له الرجلين ركضا إليهم نموت جميعاً أو تؤوب فنلحقا يقولون دعه قد أتى الموت دونه فقلت أبيت اليوم أن نتفرقا فعطف بنو فهر وليث والديل فرموا بني ضمرة بالنبل وضمرة حسر فقتل من بني ضمرة عبيد بن حذيفة بن صخر بن كعب بن خرد بسهم ونزف كلثوم بن معبد بن صخر وانهزمت ضمرة وعطف هبيب بن معبد بن صخر على القتيل والجريح فقال له كلثوم: ادع فنادى يال ضمرة! فقال: أقصر لله أبوك فقال: يال كعب: فقال! أقصر لله أبوك فقال: يال جابر! فقال: أقصر لله أبوك فقال: يا خرد بن جابر! فقال: ادع الآن وادع أسماء الرجال وأزوار النساء فعطف الحارث بن قيس بن كعب بن خرد وهو من الحرقية وأمه من الحرقيات وعطف قيس بن خالد بن مالك بن خرد فعطفت ضمرة وقد قال رجل من بني قيس بن جدي: يا حار ليس ابنا معبد لك والأنصاب لتتركنها فقال قيس: عض بظر أمه من لم يضرب حين نابت إليه ضمرة فحمل على القوم فلقيه شريك بن بشر القرشي فضربه قيس بن خالد بن مالك فلم يصنع شيئاً وضربه شريك فسحا جلدة رأسه حتى طرحها على وجهه ثم وثب قيس فاخذ شريكا فاحتمله فصرعه وجاء فروة بن هبيب وهو ابن أخت قيس أمه عفرة بنت خالد فحسر المعفر عن شريك فذبحه ثم جاء أخو شريك ثائراً به فاحتمله قيس فصرعه وجاء فروة أيضاً فقتله وقتلت منهم بنو ضمرة سبعة فلما اختلط القوم تنحت الديل وليث وقال نوفل الديلي هو من بيت بني الديل يال بكر بكرا بكرا: احفظوا فخلى بين ضمرة وبين فهر فلما انهزمت بنو فهر سارت الديل وليث وخافوا القتال فسلك نوفل على بني عوف بن جدي على ماء من ماء يليل فمنعوه وحملوه على الإبل فقال خارجة بن خشاف الضمري: الطويل تفاقد قوم منعوا أمس نوفلا لمشي الروايا بالمزاد المثقل فيا لهف نفسي والتلهف ضلة على نوفل منهم وأصحاب نوفل وقال الحراث بن قيس: الكامل يممت كلثوماً وصاحبه بعراضة السيتين والأزر ومرقرق كالرجع أخلصه صقل الصياقل زين بالأثر فشفيت نفسي من سراتهم وأزحت ما في الصدر من غمر إذ يحلفون لأتركنهما وحلفت بالأنصاب والستر أسلمته لرماح جلجل إذ تقد الظبات توقد الجمر إني لأجعل في الأولى علموا نبلي وأعدل عن بني بكر وهم الصديق على عجارفهم وهم الإزاء لساعة الصبر فتركته للضبع منزله سنن القيان يلثن بالنخر ما إن نهيت ولا شعرت ولا أن كان يوم قتالهم أمري فتركته نضج الدماء به كالزعفران ببلده النحر حتى أتانا شطركم ظهراً مستصرخاً يحتث بالنفر ورأيتم جاراتكم عجلى تخشى الزجاج وشدة الزجر فلقوكم بكتيبة نجدية خشناء ذات أنسة خضر فسلكت فهر حتى إذا كانوا بالفرع من هرشى ذلك اليوم لقوا مخلد بن حذيفة بن صخر أخا المقتول فقتلوه ثم ساروا حتى وجدوا على ماء يدعى ذا الأسلة من ودان رجلاً من بني ملحة بن جدي فقتلوه فآبوا بثلاثة وبقي لهم فضل أربعة فخرجت ضمرة حتى نزلت معهم الحرم خوفاً من أن يتناولهم فهر في الحل ويلجأوا إلى الحرم وقد كان بنو فهر قتلوا بنتاً لإماء بن رحضة الغفاري يقال لها فاطمة فاستوهبت بنو صخر دمها فأصابوا بها دماً وعقلوا للقوم ثلاثة بثلاثمائة ناقة حمراء ثم خطوا خططاً ثلاثة وقالوا: من قام على واحدة فعليه بكرة ومن قام على اثنتين فاثنتان من أجاز الثلاثة فثلاث وإن فتاة متزوجة من بني ضمرة وثبت الثلاث فهوى إليها زوجها ليحبسها فقال أخوها: والله لتخلين يدها أو لتفارقنك يمينك! فخلاها فأعطتهم ضمرة ثلاثمائة يوم طويل من ظبي الغطارس وأنا من طول الحياة بائس وقال أبو جلذية بن سفيان في يوم شهورة: الطويل كفيت بني الجذعاء مشهد ماقط وهبت لهم منه ثناء ومشهدا ينو عمهم حرب وأسعى لحربهم كما سرهم مني وإن كنت أوحدا إذا وضعت خرد يدا في ملمة وضعت بني الجذعاء في جنبها يدا وقلت لخرد عارضين فإن يكن لكم يومكم هذا فإن لنا غدا تركنا بني فهر أيامى نساؤهم وأيتام ولدان وفلا مطردا إلينا يقودون الجياد ومن يقد إلينا ندعه لا يعلق مقودا وقال أيضاً في ذلك اليوم: الرجز يدعون خرداً وأجيب فيها كفاك يعنيني الذي يعنيها وقال الحارث بن قيس أخو بني كعب بن خرد وكان جرح فجعلت امرأته تداويه وتضحك من جزعه: الطويل لو شهدت أصحاب قيس بن خالد وأسود لم تضحك من الكلم زينب صددنا ولو شئنا لنالت رماحنا أسيد بن جحش وهو في القوم مذنب ولكن عفونا إذ قدرنا عليهم على حنق يوماً وذو الذنب يعتب ستثنى مع الأقوام غزوة نوفل إذا ضم أهل المازمين المحصب فحسبك من قتلى كرام رزيتهم شصائص من أنياب فهر وأسقب وقلت لقومي يا اضربوا لا أباً لكم فقد جعلت باقي الودادة تذهب فلما ضربنا نكب الضرب أزمة من الكرب عنا لم تكد تتنكب وصابر منا حيث خر ابن معبد فوارس هيجا كلهم متلبب دعونا بني بكر إلى الود بيننا وبكر لنا بالود سم مقشب ندافهم بالرمح يوما وليلة وللمرء يوم رشده متغيب حديث القرية عن الكلبي قال: حدثني معروف بن الخربوذ قال: كان من شأن القرية وهي بناحية الرجيع ماء لهذيل أن حرب بن أمية بن عبد شمس ومرادس بن أبي عامر السلمي اشترياها من خويلد بن واثلة بن مطحل الهذلي فقال مرداس: البسيط ثم المقدم دون الناس حاجته إني لعقد شديد العقد دساس فعمدا فنقياهما فبينا هما يقلعان ما فيها إذ استخرجا حية بيضاء فابتدراها بسيوطهما فقتلاها فعدى عليهما مكانهما فأما مرداس فخنق حتى مات مكانه فدفن بالقرية وحمل حرب إلى مكة فمرض فقال لبنيه وكانوا معه: أدركوا الجان فاسقوه وتعاهدوه فان يعش يعش أبوكم فأخذوا الجان فجعلوا يتعاهدونه ويسقونه الماء وحرب في مثل ذلك فمات الجان فأتى آت بني حرب وحرب في آخر رمق فقال: مات الجان فقال بعض بني حرب: بعد فقال حرب: بعد أبوك ثم مات مكانه فسمعوا باكية تبكي الجان وتذكر حربا واسم الجان عمرو: الرجز ويل لحرب فارسا مطاعناً مخالساً ويل أم عمرو فارسا إذ لبسوا القوانسا كلاهما أصبحت منه في الحياة يائسا أخرب حرب حصنه وهدم الكنائسا لنقتلن بقتله جحاجحا عنابسا لنقعدن لركبهم ونجلس المجالسا العنابس أبو حرب بن أمية وعنبسة بن أمية وهو أبو سفيان وكان أكبر بني أمية وحرب بن أمية وسفيان بن أمية فعطلت القرية وتفرق الناس منها حتى إذا كان زمن عمر بن الخطاب وثب عليها كليب بن عهمة أخو بني ظفر بن الحارث بن بهثة بن سليم فقال عباس بن مرداس يخاصمه: الكامل # أكليب مالك كل يوم ظالما والظلم أنكد وجهه ملعون قد كان قومك يحسبونك سيدا وإخال أنك سيد معيون فإذا رجعت إلى نسائك فادهن إن المسالم ناعم مدهون إن القرية قد تبين شأنها لو كان ينفع عندك التبيين أظلمتنا ثم انطلقت تحدها وأبو يزيد بجوها مدفون فافعل بقومك ما أراد بوائل يوم الغدير سميك المطعون وأظن أنك سوف تلقى مثلها في صفحتيك سنانها المسنون وقال أمية بن عبد شمس يرثى حربا: الوافر لو تلوا بحرب ألف ألف من الجنان والأنس الكرام رأيتهم له وغلاً وقلنا أرونا مثل حرب في الأنام حديث بغي بني السبيعة عن الكلبي قال ابن الخربود: ثم بغي بعد بني السباق بنو السبيعة بنت الأحب بن زبينة بن جذيمة بن عوف بن نصر بن معاوية بن بكر بن هوازن تزوجها عبد مناف بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة فولدت له خالدا وهو الشرقي من ولده أبو الغشم وكان الشرقي عارماً صاحب بغي وشر وكان أبو الغشم هو الذي حل درع العامرية بعكاظ وهو اليوم الذي يقال له فجار المراة فكثر بغيهم فسمعوا صوتاً من الجن في الليل على جبل من جبال مكة وهو يقول: الوافر وقل لبني السبيعة قد بغيتم فذوقوا غب ذلك عن قليل كما ذاقت بنو السباق لما بغوا والبغي مأكلة وبيل قال: فتناهوا عن ذلك فلهم بقية ولخالد تقول أمه السبيعة: الكامل أبني لا تظلم بمك - ة لا صغير ولا الكبيرا حديث الفاكه عن الواقدي قال: كان من حديث الفاكه بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم وعوف بن عبد عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة وعفان بن أبي العاص بن أمية وكانوا خرجوا تجارا إلى اليمن ومع عفان ابنه عثمان ومع عوف بن عبد عوف ابنه عبد الرحمن فلما أقبلوا حملوا مال رجل من بني جذيمة بن عامر بن عبد مناة بن كنانة إلى ورثته كان هلك باليمن فادعاه رجل منهم يقال له خالد بن هشام ولقيهم بأرض بني جذيمة قبل أن يصلوا إلى أهل الميت فطلبه منهم فأبوا عليه فقاتلهم بمن معه من قومه على المال ليأخذوه وقاتلوه فقتل عوف والفاكه ونجا عفان وابنه عثمان وأصابوا مال الفاكه ومال عوف بن عبد عوف فانطلقوا به فكان عبد الرحمن بن عوف فيما يذكرون قد أصاب خالد بن هاشم الجذمي قاتل أبيه فتهيأت قريش لغزو بني جذيمة ثم إن بني جذيمة قالوا لقريش: ما كان مصاب أصحابكم عن ملأ منا عدا عليهم قوم بجهالة فأصابوهم ولم نعلم - أو كما قالوا - نحن نعقل لكم ما كان قبلنا من دم أو مال فقبلت قريش العقل ووضعت الحرب عنها. حدثني أحمد بن إبراهيم عن أبي حفص السلمي وهو من ولد الأقيصر بن قيس بن نشبة بن عامر وإليه يلتقي نسب أبي حفص والعباس بن مرداس بن أبي عامر قال: كان قيس بن نشبة دخل مكة فباع إبلا له من رجل من قريش فلواه حقه فكان يقوم ويقول: الجرز أظلم لا يمنع مني من ظلم وبلغ الخبر العباس بن مرداس فقال أبياتاً وبعث بها مع الحاج إلى قيس بن نشبة بن أبي عامر: البسيط إن كان جارك لم تنفعك ذمته حتى سقيت بكأس الذل أنفاسا فأت البيوت فكن من أهلها صدداً تلقى ابن حرب وتلقى المرأ عباسا ساقي الحجيج وهذا ياسر فلج والمجد يورث أخماسا وأسداسا فلما ظهر هذا الشعر قال أبو سفيان: إنه قد جعل المجد أخماسا وأسداسا فصير الأخماس للعباس وصير لي الأسداس فعليك بالعباس فذهب إلى العباس فأخذ له بحقه وقال له: إنا لك جار كلما دخلت مكة فما ذهب لك فهو علي وقال العباس بن عبد المطلب في ذلك: الطويل حفظت لقيس حقه وذمامه وأسعطت فيه ارغم من كان راغما سأنصره ما كان حيا وإن أمت أحض عليه للتناصر هاشما وكان بينه وبين بني هاشم تلك الخلة حتى بعث الله النبي صلى الله عليه وسلم قال فوفد قيس بن نشبة على النبي صلى الله عليه وكان قيس قد قرأ الكتب قال للنبي صلى الله عليه: إنه لم يبعث الله نبياً قط إلا وسيطاً في قومه مرضيا وقد علمنا أنك وسيط في قومك مرضي عندهم ولكن أتأذن فأسألك عما كاننت تسأل عنه الأنبياء قال: نعم قال: أتعرف كحل قال: هي السماء قال: أتعرف محل قال: نعم هي الأرض قال: لمن هما قال: لله تعالى ولله الأمر من قبل ومن بعد فأسلم قيس بن نشبة وأنشأ يقول: الكامل تابعت دين محمد ورضيته فإن الرضا لأمانتي ولديني ذاك امرؤ نازعته قول العدى وعقدت منه يمينه بيميني قد كنت آمله وأنظر دهره فالله قدر أنه يهديني أعني ابن آمنة الأمين ومن به أرجو السلامة من عذاب الهون قال: فكان رسول الله صلى الله عليه يسميه خير بني سليم وكان إذا فقده يقول: ما فعل خيركم يا بني سليم. يعقوب بن محمد الزهري قال: حدثني عبد العزيز بن عمران بن حويصة قال تحدث مخرمة بن نوفل أن أمه رقيقة بنت أبي صيفي بن هاشم وكانت لدة عبد المطلب قالت: تتابعت على قريش سنون أقحلت الفرع وأرقت العظم فبينا أنا راقدة اللهم أو مهومة إذا هاتف يصرخ بصوت صحل يقول: يا معشر قريش! إن هذا النبي المبعوث منكم وإن هذا إبان نجومه فحيهل بالحيا والخصب ألا! فانظروا منكم رجلاً أوسطكم نسباً طوالاً عظاماً أبيض بضاً أشم العرنين سهل الخدين له فخر يكظم عليه وسن تهدي إليه ألا فليخرج هو وولده ثم ليدلف إليه من كل بطن رجل إلا! ثم ليشنوا عليهم من الماء وليمسوا من الطيب وليستلموا الركن وليرتقوا أبا قبيس فيستسقي الرجل وليؤمن القوم ألا! فغثتم إذا ما شئتم وعشتم وأصبحت علم الله مفزعة مذعورة قد قف جلدي ووله قلبي فاقتصصت رؤياي وجلت في شعاب مكة فو رب الحرمة والحرم إن بقي بها أبطحي إلا قال: هذا شيبة الحمد هذا شيبة الحمد فتتأمت عنده قريش وانقض إليه من كل بطن رجل فشنوا ومسوا واستلموا ثم ارتقى أبا قبيس وطفق القوم يدفون حوله ما إن يدريك سعيهم مهلة حتى قر بذروته واستكفوا جنابيه ومعه رسول الله صلى الله عليه وهو يومئذ غلام قد أيفع اللهم أو كرب فقام عبد المطلب يقول: اللهم ساد الخلة وكاشف الكربة أنت عالم غير معلم مسؤل غير مبخل وهذه عبادك وإماؤك بعذرات حرمك يشكون إليك سنيهم التي أكلت الظلف الخف فاسمعن اللهم وأمطر لنا غيثاً مريعا مغدقا! فما راموا والبيت حتى انفجرت السماء بمائها وكظ الوادي بثجيجة فلسمعت شيخان قريش وجلتها تقول: هنيئاً لك أبا البطحاء! هنيئاً لك! وفي ذلك تقول رقيقة: البسيط فجاد بالماء جوني له سبل جار فعاشت به الأنعام والشجر منا من الله بالميمون طائره وخير من بشرت يوماً به مضر مبارك الأمر يستسقى الغمام به ما في الأنام له عدل ولاخطر قال ابن حبيب وذكر هشام بن الكلبي قال: حدثني الوليد بن عبد الله بن جميح عن ابن لعبد الرحمن بن موهب حليف بني زهرة قال: حدثني مخرمة بن نوفل بن أهيب الزهري قال: سمعت أمي رقيقة بنت أبي صيفي وكانت لدة عبد المطلب - وذكر الحديث حديث الصائح على أبي قبيس هشام عن أبيه عن عبد المجيد عن أبي عبس أبيه عن جده قال أخبرني عم لي قال: سمعت قريش صائحاً في بعض الليل على أبي قبيس يقول: الطويل إن يسلم السعدان يصبح محمد بمكة لا يخشى خلاف المخالف فلما أصبحوا قال أبو سفيان بن حرب وأشراف قريش: من السعود سعد تميم سعد هوازن سعد هذيم سعد بكر فعدوا سعودا فلما كان في الليلة الثانية سمعوا صوته على أبي قبيس وهو يقول: الطويل أجيبا إلى دين الهدى وتمنيا على الله في الفردوس منية عارف فإن ثواب الله للطالب الهدى جنان من الفردوس ذات رفارف قصة أصل مال عبد الله بن جدعان هشام قال حدثني الوليد بن عبد الله بن جميع حليف بني زهرة قال سمعت عامر بن واثلة أبا الطفيل قال قال أشياخ من قريش لعبد الله بن جدعان: يا ابا زهير! من أين أصل مالك هذا وكان من أكثر الناس مالاً قال فقال: على الخبير سقطتم خرجت مع قوم من قريش إلى الشام فبينا نحن في بعض أسواقها إذ أقبل رجل قد كاد يسد الأفق من عظمه فقال: من يبلغني أرض جرهم وأوقر ركابيه ذهباً فلم يجبه أحد من أشياخنا بشيء قال: فانصرف ثم عاد في اليوم الثاني فقال كما قال في اليوم الأول وانصرف ولم يجبه أحد ثم عاد في اليوم الثالث فقال كما قال فلما رأيت سكوت الناس عنه قلت: أنا أبلغك أرض جرهم قال ابن جدعان وأنا أعني ببلاد جرهم أرض مكة قال: فحملت على إبلي أذبح له في كل يوم شاة وفي كل جمعة جزوراً حتى انتهينا إلى مكة فقلت: هذه ارض جرهم قال: إنك صادق ولكن امض وانطلق فأخذني في جبال وأودية ما رأيتها قط حتى انتها إلى كهف في الجبل قد ردم بالحجارة فقال أنخ بي ههنا فأنخت به ثم قال لي: انقض هذا الكهف حجرا حجرا ففعلت ودخلت الكهف فإذا فيه ثلاثة أسرة على اثنين منها رجلان ميتان والثالث ليس عليه أحد وإذا ذهب كثير وإجانة في ناحية الكهف فيها لطوخ فقال: يا هذا! إني ميت كما مات هذان وسيخرج مني صوت شديد فلا يهولنك وإذا إجانة فيها لطوخ وإذا قارورة فيها ريشة على السرير الخالي وإذا ذهب كثير في ناحية الكهف فطرح ثيابا كانت عليه وقال: اطلني بهذا الذي في الإجانة فطليته من قرنه إلى قدمه ثم أدرجته في ثياب كانت معه ثم جلس على السرير وأخذ الريشة فلعط بها على أنفه ثم صاح صيحة ما سمعت قط أشد منها وسقط ميتا كأنه لم يزل مذ كان قال: وقد كان قال لي: خذ من هذا الذهب حاجتك ورد الكهف كما كان وإياك أن تعود إلى ما ههنا فانك إن عدت ذهب مالك ونفسك ففعلت ما قال فهذا كان أصل مالي. هشام عن معروف بن الخربوذ المكي قال أخبرني عامر بن واثلة أبو الطفيل قال حدثني شيخ من أهل مكة عن الأعشى بن النباش بن زرارة التميمي من بني أسيد بن عمرو بن تميم حليف بني عبد الدار قال: خرجت مع نفر من قريش نريد الشام في ميرة لنا فنزلنا بواد يقال له وادي غول ألا هلك السيال غيث بني فهر وذو الباع والمجد الرفيع وذو الفخر قال وأصحابي نيام فقلت: والله لأجيبنه وقلت الطويل ألا أيها الناعي أخا الجود والفخر من المرء تنعاه لنا من بني فهر فقال: الطويل نعيت ابن جدعان بن عمرو أخا الندى وذا الحسب القدموس والمنصب الغمر مررت بنسوان يخمشن أوجها صباحا ملاحا بين زمزم والحجر فقلت: الطويل لعمري لقد نوهت بالسيد الذي له الفصل معروفاً على ولد النضر متى إنما عهدي به مذ عروبة وتسعة أيام لغرة ذا الشهر فقال: الطويل ثوى منذ أيام ثلاث كوامل مع الليل وافته المنايا وفي الفجر قال: فاستيقظ أصحابي وقالوا: من تخاطب فقلت هذا نعي لي ابن جدعان فقالوا: والله لو ترك أحد لشرف وكثرة مال وجود لترك ابن جدعان فقال الشيخ: الوافر أرى الأيام لا تبقي عزيزاً لعزته ولا تبقي ذليلاً لا تبقي من الثقلين شفرا ولا تبقي الجبال لا السهولا وحفظنا تلك الساعة وذلك اليوم فوجدناه كما قال. قال هشام عن أبيه عن أبي صالح عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه أنه عرض على ركانة بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف الإسلام ودعاه إلى الله وكان ركانة من أشد العرب لم يصرع قط فقال: لا أسلم حتى تدعو الشجرة فتقبل إليك فقال رسول الله صلى الله عليه وهو بظهر مكة للشجرة: أقبل بأذن الله وكانت طلحة أو سمرة فأقبلت وركانة يقول: ما رأيت كاليوم سحراً أعظم من هذا مرها فلترجع فقال لها رسول الله صلى الله عليه: ارجعي باذن الله فرجعت فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أسلم قال: لا والله حتى تدعو نصفها فيقبل إليك ويبقى نصفها في موضعه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لنصفها: أقبل بأذن الله فأقبل وركانة يقول: ما رأيت كاليوم سحراً أعظم من هذا مرها فلترجع فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ارجعي بأذن الله فرجعت إلى مكانها فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له ركانة: لا حتى تصارعني فان صرعتني أسلمت وإن صرعتك كففت عن هذا المنطق قال: فصارعه النبي صلى الله عليه وسلم فصرعه وأسلم ركانة بعد ذلك. قال: كان الذين تركوا عبادة الأصنام والتمسوا دين إبراهيم عليه السلام قبل مبعث النبي صلى الله عليه: عثمان بن الحويرث بن أسد بن عبد العزى بن قصي وورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى وزيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزى بن رياج بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب وعبيد الله بن جحش بن رئاب أحد بني غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة حليف بني أمية بن عبد شمس وقال بعض هؤلاء لبعض: أتعلمون والله ما قومكم عل شيء لقد أخطأوا دين إبراهيم عليه السلام ما حجر نطيف به لا يضر ولا ينفع ولا يبصر ولا يسمع يا قوم! التمسوا لأنفسكم فإنكم والله ما أنتم على شيء فتفرقوا في البلدان يطلبون الحنيفية دين إبراهيم عليه السلام فأما ورقة بن نوفل فتنصر واستحكم في النصرانية وتعلم الكتب وأما زيد بن عمرو بن نفيل فوقف ولم يدخل في اليهودية ولا النصرانية وفارق دين قومه واعتزل الأوثان والميت والدم والذبائح التي تذبح على الأوثان ونهى عن قتل المؤدة وقال: أعبد رب إبراهيم عليه السلام وبادى قونه يعيب ما هم عليه ويقول: اللهم! إني لو أعلم أي الوجوه أحب إليك عبدتك له ولكن لا أعلم ثم يسجد على راحته وكان زيد أول من عاب على قريش ما هم فيه من عبادة الأوثان ثم خرج يلتمس دين إبراهيم عليه السلام فجال بلاد الشام حتى أتى البلقاء وإنما سميت ببالق بن ماب بن لوط فقال له راهب بها عالم: إنك لتطلبن ديناً ما تجد أحداً يحملك عليه اليوم وقد أظللك خروج نبي في بلادك يدعو إليه وقد كان شام اليهود والنصارى فلم يرض دينهم فأقبل لقول الراهب مسرعاً إلى بلاد مكة فلما توسط أرض لخم ويقال أرض جذام عدوا عليه فقتلوه ويقال إن زيدا هذا يحشر أمة وحده - والله أعلم وأما عبيد الله بن جحش فإنه أسلم وهاجر إلى الحبشة وتنصر بها ومات على النصرانية. عن هشام وأبي عمرو الشيباني وغيرهما كان من شأن عثمان بن الحويرث بن أسد بن عبد العزى انه انطلق حتى قدم على ابن جفنة ملك الشام فقال له: هل لك أن تدين لك قريش قال: نعم قال: فاكتب لي ملكني عليهم قال: على أن تدين لك قال في موضع آخر من حديثه في كتاب أبي عمرو الشيباني أيضاً: اكتب لي كتاباً وملكني عليهم فكتب له وملكه وجعل لو خرجا على كل قبيلة فأقبل بكتاب ابن جفنة حتى قدم مكة فلما قدم على قريش أنكرت ذلك فركب منهم رجال إلى ابن جفنة فلما قدموا عليه كلموه وقالوا: أن عثمان امرؤ سفيه وليس مثلك يصنع بنا مثل هذا الذي صنعت ونحن عارفون بحقك ونحن أهل حق وأهل البنية فعمد ابن جفنة فأخرج عثمان وطرده فانطلق عثمان حتى قدم على قيصر فأراد كلامه فبلغ ذلك ابن جفنة فبعث إلى البواب والترجمان أن لا يدخلاه ولا يخبرا قيصر أمره وأمرهما أن يخالفا بكلامه حتى لا يرفع به رأساً فخرج قيصر ذات يوم راكباً فاعترض له عثمان فصاح إليه وصرخ وكلمه فقال قيصر: ما يقول قال الترجمان: هذا إنسان مجنون يقول: إن في أرضي مالاً على رأس جبل وإن أعطيتني مالاً ضربت ذلك الجبل لك حتى يخرج المال منه وكذب الترجمان عليه لكتاب ابن جفنة فانطلق قيصر وتركه يتلدد بأرض الروم وكذب الترجمان عليه لكتاب ابن جفنة فانطلق قيصر وتركه يتلدد بأرض الروم فلما رأى عثمان الذي صنع به لم يدر كيف يصنع فبينا هو قاعد عند معلم يعلم ناساً من الروم الكتاب فلما قعد عثمان معه واستمكن من حديثه تمثل المعلم بيتاً من شعر هذا وقد ملأ عيني من حضر فأخذ عثمان بثوبه وعرف أنه عربي فقال له: والله لا أتركك حتى تخبرني من أنت! وإنك لعربي وإني لرجل من قومك فلما رأى ذلك المعلم قال: ويلك لا تكلمني فإن ابن جفنة قد كتب فيك إلى كل بواب وترجمان فليس ههنا أحد يغني عنك شيئاً ولكنك إن أعطيتني موثقاً دللتك على ما ينفعك فأعطاه فقال له: إذا مر عليك الملك فقل له كذا وكذا كلمة علمه إياها من دينهم فإذا دعاك الترجمان فالزمه واشق ثوبك وقل: هذا الذي أهلكني فادع لي ترجماناً آخر غيره فلما مر به الملك فعل الذي أمره به فدعا الملك ترجماناً غيره حين فعل الأول ما فعل فقال له عثمان: إني من أهل الكعبة ومن أهل بيت الله الحرام الذي تحج إليه العرب وإني كلمت ابن جفنة أن يجعل لي على قومي سلطاناً فأقتسرهم على دينك فبغي علي رجال من قومي فرشوه فأخرجني وإني جئت إليك فكتب إلى الترجمان أن يبغيني شراً لأن لا ترفع بي رأساً هذا من شأني فإن كتبت لي كتاباً وجعلت لي عليهم سلطاناً قسرت لك العرب حتى يكونوا على دينك فكتب له قيصر عند ذلك وكساه وحمله على بغلة مسرجة بسرج من ذهب وقال له: لا سلطان لابن جفنة عليك ودفع إليه كتاباً مختوماً وقال أشعاراً بأرض الروم هلكت وأشعاراً يروي بعضها منها قوله الطويل. لما دنونا من مدينة قيصر أحست نفوس القوم بعض الوساوس فأقبل عثمان بالكتاب حتى قدم على ابن جفنة فدفعه إليه فقال ابن جفنة: خذ من وجدت ههنا من قومك فأخذ رجالاً من قريش منهم سعيد ابن العاص بن أمية وأبو ذئب بن ربيعة أحد بني عامر بن لؤي أخذهم تجاراً بالشام فسجنهم فأما أبو ذئب فمات في الحديد وأما سعيد فمكث حتى افتداه عتبة بن ربيعة بن عبد شمس وأبو أمية بن المغيرة ومنهم من يقول: إنما افتداه هشام بن المغيرة وأبو أمية بن المغيرة وكانت تحت سعيد بن العاص أخت لهما ابنة المغيرة فامتدحهما سعيد بن العاص بشعره ومات عثمان بن الحويرث من قبل أن يخرج من عند ابن جفنة فقال كثير من الناس سقاه سما وحسده وظن أنه غالبه على ملكه فبلغ ذلك قومه فقال ورقة بن نوفل وهو ابن عم عثمان بن الحويرث أخ أبيه يرثي عثمان: الكامل هب أتى ابنتي عثمان أن أباهما حانت منيته بجنب المرصد ركب البريد مخاطر عن نفسه ميت المظنة للبريد المقصد فلأ بكين عثمان حق بكائه ولأنشدن عمرا وإن لم ينشد بل ليت شعري عنك يا ابن حويرث أسقيت سماً في الإناء المصعد أم كان حتفا سيق ثم لحينه إن المنية للحمام لتهتدي قد كان زينا في الحياة لقومه عثمان أمسى في ضريح ملحد ولقد برى جسمي وقلت لقومنا لما أتاني موته لا تبعد أمسى ابن جفنة في الحياة مملكا وصفي نفسي في ضريح مؤصد قال: واسم الملك الجفني عمرو بن أبي شمر أخو الحارث بن أبي شمر فلما سمع بذلك عمرو أمر بقدر من حديد فقال: أغلوا فيها الحميم وقال: والذي أحلف به لا تزال على النار حتى أغلي فيها ورقة بن نوفل والله لئن لم يأتني به قومه لآخذن رجلا من قريش بالشام فلا يفارق الحديد حتى يؤتى به فسمع بذلك ورقة فخرج حتى لحق بأرض طيء فمكث زمانا ثم لحق بالبحرين فلما قدم البحرين قال له رجل نصراني: سوف أدلك على شيء إذ قلته للملك أعفاك فعلم النصراني ورقة فقال: إذا قدمت على الملك! فلا يعلمن من أنت وتخلص إليه فإذا خلصت إليه فخذ بثوبه وقل: أعوذ بالمسيح من هذا الملك فأقبل إليه حتى دخل عليه فقال: إني امتدحتك أيها الملك فأنشده وحدثه ثم أخذ بثوبه وهو يرعد وأنشده قوله: الوافر ألا من مبلغ عمرا رسولاً فإني من مخافته مشيح أفر إلى بني ثعل بن عمرو وحولي من بني جرم نبوح أعوذ برب بيت الظلم منه وبالرحمن إذ شرق المسيح تركت لك البلاد وماء بحرين لأنزح عنك لو نفع النزوح قال: قد أجرتك لعلك ورقة بن نوفل قال: نعم قال: قد أجرتك وأجرت قومك أطفؤا النار ودخلت النصرانية في قلب ورقة بن نوفل يومئذ فلما قدم مكة وأومنت قريش قالت بنو عامر بن لؤي: كيف بدم أبي ذئب وإنما قتله عثمان بن الحويرث وصفده بالحديد حتى مات وأم أبي ذئب أم حبيب بنت العاص بن أمية الأكبر وكان سعيد خاله فانطلق سعيد بن العاص فرهن بني عامر ابنه أبان بن سعيد فأراد أن لا يطل دم أخيه فقال هذا لكم حتى أرضيكم من أبي ذئب فخالفه رجال من بني قصي وشايعه الآخرون وكان فيمن فارقه الأسود بن المطلب بن أسد أبو زمعة فقال له: يا سعيد! ما لنا ولدم رجل مات بالشام في سجن ملك من الملوك فلذلك قال الأسود: الوافر ألا من مبلغ عنى سعيداً فحسبك من مواليك التلافي وقال رقة بن نوفل يعني أبا زمعة: الوافر ألا أبلغ لديك أبا عقيل فما بيني وبينك من وداد نعيب أماتني وتذم أهلي وتأكلني إلى حضر وباد فأيا ما وأي كان أبغى وأسعى في العشيرة بالفساد فلا لاقى سرورا من مليك ولا زالت يداه في صفاد حدث أبو البختري عن موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن أبي وجزة السعدي قال كان الذي هاج الفجار الأول بين قريش وقيس عيلان أن أوس بن الحدثان النصري باع من رجل من كنانة ذوداً له إلى عام قابل يوافي السوق فوافى سنة بعد سنة ولا يعطيه وأعدم الكناني فوافى النصري سوق عكاظ بقرد فوقفه في السوق ثم قال: من يبيعني مثل قردي هذا بما لي على فلان الكناني يريد أن يخزي الكناني بذلك فمر رجل ن بني كنانة فضرب القرد بالسيف فقتله آنفا مما فعل النصري فصرخ النصري في قيس وصرخ الكناني في بني كنانة فتحاور الناس حتى كاد يكون بينهم قتال ثم تداعوا إلى الصلح ويسر الخطب في أنفسهم وكف بعضهم عن بعض ثم هاج الفجار الثاني. وهو فجار الفخر ويروي فجار الرجل قال: كان الذي هاج هذا الفجار أن رجلاً من بني غفار بن مليل بن ضمرة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة يقال له أبو منيعة وكان عارماً منيعاً في نفسه قدم سوق عكاظ فمد رجله ثم قال: الرجز ومن يكونوا قومه يغطرف كأنهم لجة بحر مسدف أنا والله أعز العرب فمن زعم أنه أعز مني فليضرب هذه بالسيف فضربها رجل من بني قشير فخدش بها خدشا غير كبير فتحاور الناس عند ذلك حتى كاد يكون بينهم قتال ثم تراجع الناس ورأوا أنه لم يكن كبير قتال ولا جراح فقال ابن الضريبة النصري: الخفيف سائلي أم مالك أي قوم معشري في سوالف الأعصار نحن كنا الملوك من أهل نجد وحماة الذمار عند الذمار ومنعنا الحجاز من كل حي ومنعنا الفخار يوم الفخار وقال لقيط ضربها رجل من بني نصر بن معاوية وقال: الرجز نحن بنو دهمان ذو التغطرف بحر بحور زاخر لم ينزف من يأته من العباد يغرف نحن ضربنا قدم المخندف إذ مدها في أشهر المعرف فخرا على الناس خلاف الموقف ضربة حر مثل عط الشعف مجهرة حقاً برغم الأنف بصارم يفري الشؤون مرهف يمر في السنور المضعف قال: كان أول الفجار أن امرأة من العرب من ولد عكرمة بن خصفة بن قيس ثم من بني عامر بن صعصعة وافت عكاظ وكانت امرأة جميلة طويلة عظيمة فأطاف بها فتيان أهل مكة ينظرون إلهيا وعليها برقع مسير على وجهها فسألوها أن تبدي عن وجهها فأبت عليهم وكان النساء إذ ذاك لا يلبسن الأزر إنما تخرج المرأة فضلاً في درع بغير إزار فلما امتنعت عليهم وقد رأوا خلقها وشمائلها لزموها فقعدت تشتري بعض حاجتها فجاء فتى من أولئك الفتيان يقال له أبو الغشم بن عبد العزى بن عامر بن الحارث بن حارثة بن سعد بن تيم بن مرة وهي قاعدة فحل أسفل درعها بشوكة إلى ظهرها فلما فرغت من حاجتها قامت فإذا هي عريانة فضحك الفتية منها وقالوا: منعتنا وجهك فقد نظرنا إلى سفلتك فكشفت المراة عن وجهها فاذ وجه وضيء فكانوا أشد إغراما عما كانوا بها وصاحت: يا لقيس انظروا ما فعل بي فاجتمع الناس واجتمع إليها عشيرتها ودنا بعضهم من بعض ثم ترادوا بعد شيء من مناوشة وقتال لا ذكر له وكان هذا أول ما كان فسمى الفجار لما كانوا يعظمون من الدماء ويعظمون من الإحرام وقطع الأرحام فالقرابات وعكاظ بين نخلة والطائف وذو المجاز خلف عرفة ومجنة بمر الظهران وهذه أسواق العرب وقريش ولم يكن فيها شيء أعظم من عكاظ. قال: وكان البراض وهو رافع بن قيس قد حالف بني سهم فعدا على رجل من هذيل فقتله فقام الهذليون إلى بني سهم يطلبون دم صاحبهم فقالت بنو سهم: قد خلعنا وتبرأنا من جريريته فقالت هذيل: من يعرف هذا فقال العاص بن وائل: أنا خلعته كما يخلع الكلب فأسكت الهذليون ولم يروا وجه طلب فأتى حرب بن أمية يطلب أن يحالفه فقال حرب: إني قد رايت حلفاءك خلعوك وكرهوك فقال البراض: وأنت إن رأيت مني مثل ما راوا فأنت بالخيار إن شئت أقمت على حلفك وإن شئت تبرأت مني قال حرب: ما بهذا بأس فحالفه حرب بن أمية فعد أعلى رجل من خزاعة فقتله وهرب في البلاد فطلب الخزاعيون دمه فلم يقدروا عليه فأقام باليمن سنة ثم دنا من مكة فإذا الهذليون يطلبونه وإذا الخزاعيون يطلبونه وقد خلع فقال: ما وجه خير من النعمان بن المنذر نلحق به فانطلق حتى قدم الحيرة فقدم على وفود العرب قد وفدوا على النعمان بن المنذر فأقام يطلب الإذن معهم فلم يصل إلى النعمان حتى طال عليه المقام وجفي وحان بعثة النعمان بلطيمة كان يبعث بها إلى عكاظ فخرج النعمان فجلس للناس بفنائه بالحيرة وعنده وفود العرب وكانت عبرات النعمان ولطائمه التي توافي سوق المواسم إذا دخل تهامة لم تهج حتى عدا النعمان على أخ بلعاء بن قيس فقتله فجعل بلعاء بن قيس يتعرض للطائم التي للنعمان بتهامة فينهبها قد فعل ذلك بها مرتين فخاف النعمان على لطيمته فقال يومئذ: من يجيز هذه العير فوثب البراض وعليه بردة له فلتة يعني صغيرة ومعه سيف له قد أكل غمده من حدة فقال: أنا أجيزها لك فقال الرحال عروة بن عتبة بن جعفر بن كلاب: أنت تجيزها على أهل الشيح والقيصوم وإنما أنت كالكلب الخليع أنت أضيق إستاً من ذلك ولكني أيها الملك أجيرها لك على الحين كليهما. فقال البراض: أنت تجيزها على أهل تهامة فلم يلتفت النعمان إلى البراض وازدراه ودفع اللطيمة إلى الرحال وخرج الرحال بالعير وخرج البراض في أثره حتى إذا كان في بعض الطريق أدركه البراض فتقدم أمام عيره وأخرح الازلام يستقسم بها فمر به الرحال فقال له: ما تصنع فقال: إني أستخير في قتلك فضحك الرحال ولم يره شيئاً ثم سار الرحال حتى انتهى إلى أهله دوين الجريب على ماء يقال له أواره فأنزل اللطيمة وسرح الظهر وقد كان البراض يبتغي غرته فلا يصيبها منه حتى صادفه نصف النهار ذلك اليوم في قبة من أدم وحده فدخل عليه فضربه بالسيف حتى برد وكتب إلى أهل مكة وهم بعكاظ: البسيط لا شك يجني على المولى فيحملها إذا بحي أبت يحملها الجاني أما بعد ذلكم فإني قتلت عروة بن عتبة الرحال بأواره يوم السبت حين وضح الهلال من شهر ذي الحجة فررت ومن أجرى ما حضر فقد أجرى ما عليه إن غدا حيث يثور الريح ينكثني الأمر لك القبيح انتهى بجريرة للنعمان ثم خرج بعدو حتى انتهى إلى خيبر فأقام فيها أياماً يعتزي إلى فزارة ويصيب من ثمر خيبر فمكث ما شاء الله أن يمكث وقد خرج رجلان من قيس أحدهما من غطفان والآخر من غنى يدعي أسد بن جوين على أثره إلى خبير فلقياه بخيبر فلما رأهما نسبهما فانتسبا له إلى سعد بن قيس بن عيلان وإلى غطفان فاعتزى هو إلى فزارة فقالا له: هل أحسست رجلاً يقال له البراض من بني بكر فقال البراض: سألتما عن لص عاد خليع لبس أحد من أهل خيبر يدخله داره ولكن أقيما ههنا وتلطفا له عسى ا تظفرا به قالا: نعم ثم مكث ذلك اليوم وجاءهما فقال: قد دللت عليه فأيكما أجرى مقدماً قال أحدهما: أنا وهو أسد بن جوين الغنوي فقال البراض: انطلق وقال للآخر: إياك أن تريم المكان ثم أخرجه حتى أدخله خربة من خربات يهود ثم قال: يا أخا غنى! جرد سيفك وأعطينه حتى أذوقه فأخذ بقائم السيف فسله والغمد في يد الغنوى فرفع البراض السيف فضربه به حتى قتله ثم رجع إلى صاحبه فقال: ما رأيت أجبن ولا أكهم من صاحبك إني أدخلته حتى نظر إليه ثم أخطأه هكذا فأراه الآن قد ذهب إلى أقصى خيبر وإن يخطئنا الآن فمتى نقدر عليه فانطلق معي أنت فقال الغطفاني: انطلق بي حيث أحببت فخرج حتى انتهى به إلى خربة أخرى فصنع به مثل ما صنع بصاحبه فقتلهما جميعاً ثم رجع إلى منزلهما فأخذ راحلتيهما ومتاعهما ثم هرب وخرج رجل من اليهود يريد تلك الخبرة لحاجته فوجد الغنوي مقتولاً فخرج إلى الأخرى فوجد الغطفاني مقتولاً فخرج فزعاً مذعورات إلى قومه فخرجوا فنظروا إلى القتيلين وطلبوا البراض ونذر بهم فهرب من ساعته وفرق من يهود خيبر أن يظفروا به ويقولون: هذا لص عاد يجاورنا حتى طرد طريق نجد إلى مكة وخاف على قومه من قيس فقال وحذرهم قوي فإذا ركب فيهم بشر بن أبي خازم فأخبره بقتل الرحال والغطفاني والغنوي واستكتمه وأمره أن ينهي بهذا الخبر إلى عبد الله بن جدعان وهشام بن المغيرة وحرب بن أمية ونوفل بن معاوية وبلعاء بن قيس فخرج بشر بن أبي خازم حتى قدم سوق عكاظ فوجد الناس بعكاظ قد حضروا السوق والناس محرمون للحج فذكر بشر بن أبي خازم الحديث للنفر الذي أمره بهم البراض فقالت قريش فيما بينهم: نخشى من قيس ونخشى ألا تقوم السوق في هذه السنة فانطلقوا بنا إلى أبي براء عامر بن مالك بن جعفر بن كلاب فنخبره بعض الخبر ونكتم بعضاً ونقول:: أن بين أهل نجد وتهامة حدث ولم تأتنا لذلك جلية أمر فاحجز بين الناس وأقم لهم السوق ولا ينصرفن ولم تقم السوق وقد ضربوا آباط الإبل من كل موضع ونقول: كن على قومك ونحن على قومنا فخرجوا حتى جاؤا أبا براء فذكروا له ما أجمعوا عليه أن يقولو فأجابهم إلى ما أحبوا وقال: أنا أكفيكم ذلك واقيم السوق ورجع القوم فقال بعضهم لبعض: ما هذا برأي أن نقيم ههنا ونخشى أن تخبر قيس فيناهضونا ههنا على غير عدة وهم مستعدون فيكثرونا في هذا الموسم فيصيبوا منا الحقوا بحرمكم فخرجت قريش مولية إلى الحرم منكشفين وجاء قيساً الخبر آخر ذلك اليوم فقال أبو براء: ما كنا من قريش إلا في خدعة فخرجوا في آثارهم وقريش على حاميتها وهي تبادر إلى حرمها حتى دخلوا الحرم من الليل ونزعت قيس عنهم ولهم عدد كثير وقال رجل من بني عامر بن صعصعة يقال له الأدرم بن شعيب ونادى بأعلى صوته: إن ميعاد ما بيننا وبينكم هذه الليالي من قابل فإنا لا نأتلي في جمع وقال: البسيط لقد وعندنا قريشاً وهي كارهة بان تجيء إلى ضرب أراعيل وقال خداش بن زهير: البسيط يا شدة ما شددنا غير كاذبة على سخينة لولا الليل والحرم إذ يتقينا هشام بالوليد ولو أنا ثقفنا هشاماً شالت الخدم ولم تقم تلك السنة سوق عكاظ وجمعت قريش وكنانة الأحابيش كلها ومن لحق بها من أسد بن خزيمة مع مهير بن أبي خازم أخي بشر الشاعر وسلحت قريش الرجال وكانوا قوماً تجاراً فترافدوا وجمعوا أموالاً عظاماً فكانوا يطعمون الخزير في دورهم الأحابيش ومن ضوى إليهم لنصرهم ولا مثل لما فعل عبد الله بن جدعان فإنه سلح مائة رجل بأداة كاملة وسلح هشام بن المغيرة رجالاً وأعان بمال عظيم وحمل حرب بن أمية رجالاً وسلحهم وقدم عليهم بشر بن أبي خازم في قومه ولم يحضره من بني تميم أحد إلا بحلف في قريش آل زرارة وآل أبي إهاب وأمية بن أبي عبيدة بن همام بن الحارث بن بكر بن زيد بن مالك بن حنظلة وهو حليف بني نوفل بن عبد مناف وهو أبو يعلي بن منية ومنية بنت الحارث بن شبيب من بني مازن بن منصور وجعلوا لكل قبيلة رأساً يجمع أمرهم فعلى بني عبد مناف حرب بن أمية ومعه أخواه سفيان وأبو سفيان وهو عنبسة ابنا أمية. من ههنا رواية أبي عبيدة وعلى بني هاشم الزبير بن عبد المطلب ومعه النبي صلى الله عليه والعباس بن عبد المطلب ومعهم بنو المطلب عليهم يزيد بن هاشم بن المطلب وأمه الشفاء بنت هاشم بن عبد مناف وعلى حرب بن أمية بنو نوفل بن عبد مناف عليهم مطعم بن عدي بن نوفل وعلي بني أسد بن عبد العزى خويلد بن أسد وعثمان بن الحويرث بن أسد وعلى بني زهرة مخرمة بن نوفل بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة وعلى بني مخزوم هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم وعلى جمح أمية بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح وعلى بني عدي زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزى وعلي بني عامر بن لؤي عمرو بن عبد شمس أبو سهيل بن عمرو وعلى بني محارب بن فهر ضرار بن الخطاب بن مرداس وعلى بني الحارث بن فهر عبد الله ابن الجراح أبو أبي عبيدة بن الجراح آخر رواية أبي عبيدة من ههنا إلى موضع العلامة ليس عند أبي بكر وعلى بني محزوم هشام بن المغيرة وعلى بني سهم العاص بن وائل وعلى بني جمح معمر بن حبيب وعلى بني عبد الدار بن قصي عامر بن عكرمة بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي أسقط أبو عبيدة عامراً وذكره وهب فقال عامر وقال معمر عكرمة نفسه ابن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي إلى ههنا ليس عنده وعلى بني تيم عبد الله بن جدعان بن عمرو وعلى الأحابيش وهم الحارث بن عبد مناة وعضل والقارة والديش والمصطلق من خزالعة نحلفهم بالحارث بن عبد مناة الحليس بن يزيد أخو بني الحارث بن عبد مناة وسفيان بن عويف فهما قائداهم وعلى بني بكر بن عبد مناة بلعاء بن قيس بن عبد الله بن عمر بن عوف بن كعب بن عامر بن ليث وعلى بني فراس بن غنم مالك بن كنانة عمر بن قيس جذل الطعام وعلى بني أسد بشر بن أبي خازم وأمر الناس إلى حرب بن أمية وقيل خرجوا متساندين ويقال إلى ابن جدعان وتجمعت قيس وتجمعت هوازن وسليم جميعاً وثقيف وأحلافها من جسر بن محارب وغيرهم ممن لحق بهم فأوعبت غير كلاب وكعب فإنهما لم يشهد يوماً من أيام الفجار إلا يوم نخلة ثم توافوا على قرن الحول في الليالي التي واعدت فيها قيس قريشاً من العام المقبل فسبقت هوازن قريشاً فنزلوا شمطة من عكاظ متساندين على كل قبيلة منهم سيدها فكان أبو أسماء بن الضريبة وعطية بن عفيف النصريان علي بني نصر والخيسق الجشمي على بني جشم وبني سعد بن بكر وكان وهب بن معتب بن مالك الثقفي وأخوه مسعود على ثقيف وكان على بني عامر بن ربيعة محارب وعلى الأبناء أبناء صعصعة سلمة بن سعلاء أحد بني البكاء ومعه خالد بن هوذة وعلى بني هلال بن عامر بن صعصعة ربيعة بن أبي ظبيان بن ربيعة بن أبي ربيعة بن نهيك بن هلال بن عامر هذا قول أبي عبيدة وقال أبو البختري وهو أثبت أن أبا براء لم يكن ليتخلف ولا أن تتخلف كلاب وهم الموتورون دون قبائل قيس لعروة بن عتبة بن جعفر قال أبو البختري كان على الأحابيش من قد ذكرناه في النسخة في أول الحديث فهؤلاء الرؤساء كانوا متساندين غير أن المستعين لهم حرب بن أمية وابن جدعان وهشام وحرب أعظمهم شأناً لقصي وعبد مناف قال فحدثني موسى بن محمد بن إبراهيم عن أبيه عن عائشة قالت قلت: يا رسول الله! عبد الله بن جدعان كان يحمل الكل ويقري الضيف ويعطي السائل ويطعم الطعام فقال رسول الله صلى الله عليه: مات في الجاهلية هو في النار ثم تقول عائشة: وكان ابن جدعان من أشرف قريش ما كان من أمر يحزب قريشاً إلا يكون له عبد الله بن جدعان ثم تقول: كان حرب الفجار ولم يك يوم في العرب أذكر منها مكث الناس سنة يجمعون ويتعبون للقتال فخرجت قريش من دار عبد الله بن جدعان ورأس الناس يومئذ عبد الله بن جدعان قادهم وسلح الرجال وقسم الأموال ثم كان حلف الفضول فكان في دار ابن جدعان ثم تقول عائشة: أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه يقول: لقد حضرت حلفاً في دار ابن جدعان ما أحب أن غدرت به وإن لي حمر النعم قال: وتجمعت قيس واستعانت بثقيف وجمعوا الجموع وقادوا الخيل فكانت خيلهم كثيرة يومئذ قال: فحدثني عبد الله بن يزيد الهذلي عن يعقوب بن عتبة قال: سار في ثقيف مسعود بن معتب ووهب بن معتب فاستحلبا فكان في بني عامر أبو براء وكان في جشم دريد بن الصمة وكان في بني نصر يبيع بن ربيعة وفي سليم عباس بن حي الأصم الرعلي فاجتمعوا ونزلوا عكاظ قبل قريش بيومين فاختلفوا في الرئاسة فقالت بنو عامر: نرأس أبا براء عامر بن مالك بن جعفر وقالت بنو نصر بن معاوية وسعد بن بكر وثقيف: نرأس سبيع بن ربيعة بن معاوية النصري وقالت بنو جشم: بل نرأس دريد بن الصمة حتى كادوا يقتتلون بينهم فمشى بينهم أبو براء فقال: اجعلوا من ذلك من شئتم فأنا أول من أطاعه وأجاب فكف القوم ورضوا وجعلوا على بني عامر أبا براء وعلى بني نصر وسعد بن بكر وثقيف مسعود بن معتب الثقفي وهو رأس ثقيف وأمره إلى سبيع بن ربيعة وعلى عطفان عوف بن حارثة المري وعلى بني سليم عباس بن حي الرعلي أبا أنس وعلى فهم وعدوان كدام بن عمير فهؤلاء الرؤساء القادة قال: وكانت تحت مسعود بن معتب سبيعة بنت عبد شمس بن عبد مناف ولها منه عروة بن مسعود والأسود بن مسعود فكان يجمع الكبول والجوامع فتقول له: ما تصنع بهذا فيقول: أرجو والله أن أملأ منها قومك قالت: أنت وذاك أما والله لئن رأيتهم لتعرفن غير ذلك فلما انهزمت ثقيف انهزم مسعود فخرج منهزماً لا يعرج على شيء حتى دخل على امرأته سبيعة فجعل أنفه بين ثدييها ثم قال: أنا بالله ثم بك فقالت: كلا زعمت فلما نزلوا عكاظ وأقاموا اليوم الثاني قال سبيع بن ربيعة النصري: يا معشر قريش! ما كان مسيركم إلى قريش بشيء قالوا: ولم قال: لا ترون لهم جمعاً العام قال أبو براء فما تكره من ذلك تقوم سوقنا وننصرف والغلبة لنا قال رجل من بني أسد بن خزيمة يسمع كلامه: بلى والله لتوافين كنانة ولا تتخلف ولا ترى غير ذلك فتقاولا حتى تراهنا مائة بعير لمائة بعير فتواثقا على ذلك فلم يتفرقوا من مجلسهم حتى أوفى موف فقال: قد طلع من مكة الدهم وجاءت الكتائب يتلو بعضها بعضاً فقام الأسدي مسروراً وهو يرتجز: الرجز يا قوم قد وافى عكاظ الموسم تسعون ألفاً كلهم ملأم فقال مسعود بن معتب لقيس حين عرف أن قريشاً قد جاءت: دعوني أنظر لكم في القوم فإن يكن في القوم عبد الله بن جدعان فلم يتخلف عنكم من كنانة أحد فلم يرعه إلا بعبد الله بن جدعان على جمل معتجراً ببردة حبرة فرجع مسعود بن معتب إلى قيس فقال: أتتكم قريش بأجمعها وتهيأ الناس وصفوا صفوفهم وقام حرب بن أمية يسوي صفوف كنانة ومعه إخوته سفيان وأبو سفيان وهو عنبة بن أمية وأبو العاص بن أمية ويومئذ سموا العنابس وقد لبس حرب بن أمية درعين وقيد نفسه ولبس سفيان درعين وقيد نفسه ولبس أبو سفيان درعين وقيد نفسه ولبس أبو العاص درعين وقيد نفسه وكان معهم العباس بن عبد المطلب في العنابس يومئذ قيد نفسهن معهم أيضاً وقالوا: لن نبرح حتى نموت أو نظهر عليهم وصفت قيس صفوفها وكان الذي يسوي صفوفها أبو براء عامر بن مالك بن جعفر وأخذ الراية حرب بن أمية وأخذ راية قيس أبو براء وخرج الحليس بن يزيد أحد بني عبد مناة وهو يومئذ سيد الأحابيش فدعا إلى المبارزة فخرج إليه أبو حرب بن عقيل بن خويلد بن عوف بن عقيل بن كعب بن ربيعة فتطاعنا ساعة حتى كسر العقيلي عضد الحليس بن يزيد ثم تحاجزا ونهض الناس بعضهم إلى بعض فاقتتلوا قتالاً شديداً وأبو العاص يرتجز ويقول: الرجز هذا أوان الضرب في الأدبار بكل عضب صارم مذكار فكانت الدبرة أول النهار لقيس على كنانة حتى انهزمت من قريش بنو زهرة وبنو عدي وقتل معمر بن حبيب ورجال من بني عامر بن لؤي فانهزمت طائفة من قريش وثبت حرب بن أمية وإخواته وسائر قبائل قريش والأحابيش أما بنو بكر فإن بلعاء بن قيس اعتزل بهم إلى جبل عكاظ حين رأوا أن الدولة لقيس على قريش وقال: دعوا قريشاً أبعد الله فوالله نهيته لا يفلت منهم رجل فكان حكيم بن حزام يحدث يقول: شهدت عكاظ فبنو بكر كانوا أشد علينا من قيس انكشفوا علينا وتركونا وكان سعيد بن يربوع يقول: رأيتنا يومئذ وما أتينا أول النهار إلا من بني بكر انكشفو عنا وتركونا فلما كان وسط النهار ظهرت عليهم كنانة فقتلوهم قتلاً ذريعاً وشركت كنانة يومئذ بنو الحارث بن عبد مناة كانت تتقدم الناس وكانت قريش من ورائهم ولم تكن مع بلحارث فقتل يومئذ تحت رايتهم مائة رجل صبروا لهم وانهزمت قيس وقتل من أشرافهم عباس الرعلي في بشر من بني سليم وانهزمت قيس وقتل من أشرافهم عباس الرعلي في بشر من بني سليم وانهزمت قيس وقتل من أشرافهم عباس الرعلي في بشر من بني سليم وانهزمت ثقيف وبنو عامر وقتل يومئذ من بني عامر عشرة فلما رأى ذلك شيخ من بني نصر صاح يا معشر بني كنانة! أسرفتم في القتل فأجابه عبد الله بن جدعان: إنا معشر سرف ولما رأى أشراف قيس ما تصنع قبائل قيس من الفرار عقل رجال منهم أنفسهم منهم يبيع بن ربيعة وغيره ثم أضطجع وقال: يا معشر بني نصر! قاتلوا عني أو ذروا فعطف عليه بنو نصر وبنو جشم وبنو سعد بن بكر وفهم وهربت قبائل قيس غيرهم فقاتلوا حتى انتصف النهار ثم إن عتبة بن ربيعة نادى وإنه يومئذ لشاب ما كملت له ثلاثون سنة: يا معشر قريش! علام تقتلون أنفسكم إن هذا ليس برأي فعجب منه يومئذ لحداثة سنه من ثم من ذوي الأسنان لم يهتد ولم يدع إلى ما دعا إليه من الصلح ثم أرسل إلى قيس: آتيكم فأكلمكم قالوا: نعم ولم تكره ذلك قيس وكانت الدبرة عليها آخر النهار فمشى بينهم عتبة حتى اصطلحوا وقال لقيس: انصرفوا فيعد هذا الأمر إلى أحسنه وأجمله فإنكم في شهر حرام وقد عورتم متجركم وانقطعت موادكم وخاف من قاربكم قالت قيس: لا ننصرف أبداً ونحن موتورون ولو متنا من آخرنا قال عتبة: فالقوم قد وتروا وقد قتلوا نحواً مما قتلتم وجرحوا كلما جرحتم قالت قيس: قتلانا أكثر من قتلاهم قال عتبة: فإني أدعوكم إلى خطة هي لكم صلاح ونصفة عدوا القتلى فإن كان لكم الفضل ودينا فضلكم وإن كان لهم وديتم فضلهم قال أبو براء: لا يرد هذه الخطة أحد إلا اخذ شراً منها نحن نفعل وأجابوا فاستوثق من رؤساء قيس من أبي براء وسبيع بن ربيعة ثم انطق إلى حرب بن أمية وابن جدعان وهشام بن المغيرة فاستوثق منهم وتحاجز الناس وأمنوا وعدوا القتلى فوجدوا لقيس فضل عشرين رجلاً فودتهم فرهن يومئذ حرب بن أمية ابنه أبا سفيان بن حرب ورهن الحارث بن علقمة بن كلدة ابنه النضر بن الحارث ورهن سفيان ابن عويف ابنه الحارث في ديات القوم عشرين دية حتى يؤدوها وانصرف الناس كل وجه وهم يقولون: حجز بين الناس عتبة بن ربيعة فلم يزل يذكر بها آخر الأبد مع أنه كان ذا حلم واتداع في العشيرة ووضعت الحرب أوزارها فيما بينهم وتعاهدوا وتعاقدوا أن لا يؤذي بعضهم بعضاً فيما كان بينهم من أمر البراض وعروة والغطفاني والغنوي وانصرفت قريش فترافدوا في الديات فبعثوا بها إلى قيس وافتكوا أصحابهم وقدم أبو براء معتمراً بعد ذلك فلقيه ابن جدعان فقال: أبا براء! ما كان أثقل على موقفك يومئذ فقال أبو براء: ما زلت أرى أن الأمر لا يلتحم حتى رايتك فلما رأيتك فلما رأيتك علمت أن الأمر سيلتحم وقد آل ذلك إلى خير وصلح. قال فحدثني الضحاك بن عثمان بن عبد الله بن عروة بن الزبير أن حكيم بن حزام قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه بالفجار وقد حضرته مع عمومتي ورميت فيه بأسهم وما احب أني لم أكن فعلت وكان يوم حضر صلى الله عليه ابن عشرين سنة وكان الفجار بعد الفيل بعشرين سنة.
|